أهم الأخبار

لك الله‮ ‬يا أقصى‮..‬

طباعة تكبير الخط تصغير الخط
 0 Google +0  0

إنه العلو الإسرائيلي‮ ‬في‮ ‬أكثر لحظاته‮ ‬غطرسة واستهانة بأمة الإسلام‮.. ‬إنه الإفساد الإسرائيلي‮ ‬الذي‮ ‬يعلن للعالمين أنه لا منطق إلا منطق القوة واللصوص‮.. ‬إنه العدوان على واحد من مساجد الإسلام المقدسة المباركة في‮ ‬وضح النهار من قبل قوات الجيش الإسرائيلي‮ ‬والشرطة الإسرائيلية وأجهزة الأمن الإسرائيلية لإقامة معابد لليهود في‮ ‬ساحات المسجد الأقصى‮.. ‬ولا‮ ‬يجد هذا العدوان الصارخ في‮ ‬مواجهته إلا صدورا عارية من مرابطين أضناهم التعب والسهر والقهر،‮ ‬يتناوبون على حراسة مسجدهم،‮ ‬بعد أن انشغلت أمتهم،‮ ‬أمة المليار وسبعمائة مليون نسمة،‮ ‬بحروب الإخوة وصراعات داخلية‮ ‬يزيدها المستعمرون تأجيجا‮..‬

في‮ ‬خطوة نوعية،‮ ‬يفرض العدو الصهيوني‮ ‬علينا معركة تمس الكرامة والمقدس وأعمق ما في‮ ‬الوجدان‮.. ‬إنهم بعدوانهم الفاضح والبشع بالأمس على المسجد الأقصى واعتداءاتهم على المرابطين فيه وحوله إنما أرادوا جس نبض أمتنا‮: ‬هل ما زالت فينا عروق تنبض بالإسلام وعزته أم إن الموات والاندحار هو واقعنا‮..‬؟ إنهم قاموا بما خططوا له منذ عشرات السنين ووصلوا أخيرا إلى هذه اللحظة تتويجا لانتصاراتهم علينا في‮ ‬كل مكان،‮ ‬في‮ ‬العراق،‮ ‬حيث دمروا البلد ودمروا جيشه،‮ ‬وفي‮ ‬ليبيا،‮ ‬حيث شتتونا ومزقونا،‮ ‬وفي‮ ‬سورية،‮ ‬حيث احتلوا معظم الديار وأربكوا جيشها في‮ ‬الحروب الداخلية،‮ ‬وفي‮ ‬اليمن،‮ ‬حيث دمروا عناصر الحياة‮.. ‬في‮ ‬كل مكان هم وصلوا إلى أن فجرونا من الداخل ولم‮ ‬يعد لدينا مقدس سليم من الكسر أو التشويه‮. ‬فلم‮ ‬يعد الوطن هو الوطن ولا الدين هو الدين ولا العدو هو العدو‮.. ‬في‮ ‬هذه اللحظة النموذجية تقدمت جحافلهم لتنهي‮ ‬مسألة القدس بعد عمليات عديدة متراكمة ومنهجية للاستيطان فيه وتغيير معالمه وزرع عشرات آلاف المستوطنين حول المسجد الأقصى وفي‮ ‬مدينة القدس‮.. ‬في‮ ‬هذه اللحظة فيما‮ ‬يتلهى الساسة الفلسطينيون بالانقسام والتصارع الداخلي‮ ‬والتنافس والتنابز والضغط على الشعب بأساليب عديدة وفي‮ ‬ظل حصار قاتل لغزة وضنك شديد للضفة وتدمير مخيماتهم في‮ ‬الشتات‮.. ‬في‮ ‬هذه اللحظة تتقدم العصابات الصهيونية وعلى رأسها وزراء ومسؤولون كبار في‮ ‬الكيان الصهيوني‮ ‬لاقتحام الأقصى وطرد المرابطين فيه بقوة السلاح‮.‬

عشرات الجرحى وعشرات المعتقلين الفلسطينيين في‮ ‬ساعات المواجهة الأولى بين المرابطين وقوات الاحتلال‮.. ‬والأمور آخذة في‮ ‬التصعيد،‮ ‬لكنه تصعيد الروح المحاصرة والشعب الأعزل والناس المظلومين الفاقدين أي‮ ‬إمكانية للمقاومة ما عدا لحمهم ودمهم‮.‬

أين هم العرب؟ أين جامعتهم؟ أين جيوشهم؟ أين القوة العربية المشتركة؟ أين الإعلاميون العرب؟ أين الأحزاب القومية والإسلامية والوطنية؟ أين القوى الفلسطينية والعربية والإسلامية؟ ألف سؤال هنا ونحن نتابع ما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬باحات المسجد الأقصى والقدس الشريف‮..‬

تركوك‮ ‬يا أقصى وحيدا ليس معك إلا قلة من أبناء الأمة المظلومين‮ ‬يدافعون عنك بصدورهم العارية وبأيديهم الغضة‮.. ‬تركوك‮ ‬يا أقصى وانشغلوا بتدمير صنعاء وحلب ودمشق وطرابلس‮.. ‬تركوك‮ ‬يا أقصى وقد امتشقوا سلاحهم لملاقاة بعضهم بعضا في‮ ‬مسارح أعدها لهم عدوهم بإتقان‮.. ‬تركوك‮ ‬يا مسرى النبي‮ ‬ويا رمز السيادة ويا مكان عقدت فيه الإمامة لأمتنا على العالمين‮.. ‬تركوك‮ ‬يا بوابة السماء ومعراج نبينا إلى سدرة المنتهى‮. ‬تركوك للصهاينة المجرمين قتلة الأنبياء أراذل البشرية‭..‬‮ ‬تركوك‮ ‬يا أقصى لتشكو إلى الله تخاذل أمة الإسلام وتضم بصدرك وشموخك أبناء مخلصين لك‮ ‬يتساقطون مخضبين بدمائهم في‮ ‬هذه الساعات على مصاطبك المباركة وبجوار جدرانك العصية‮.. ‬لك الله شاهدا على ضعفنا وعجزنا وتيهنا‮.. ‬ولكن أيضا مانحا لنا قيمة الشهادة وصوابية الاتجاه،‮ ‬فاضحا المؤامرة والخديعة‮.. ‬ومن صمودك وعنادك وطهارتك ونبلك سيولد جيل‮ ‬يمتشق السلاح كاملا ويمتلك اليقين كاملا ليعيد الأفلاك إلى مداراتها والحياة إلى طبيعتها وينهي‮ ‬إلى الأبد شر بني‮ ‬صهيون‮. ‬وإن موعده الصبح‮.. ‬تولانا الله برحمته‮.‬

المصدر : صحيفة الشروق الجزائرية