أهم الأخبار

29 تشرين الثاني.. نسينا أن نتضامن مع أنفسنا!!

طباعة تكبير الخط تصغير الخط
 0 Google +0  0
بقلم: هاني حبيب يأتي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، 29 تشرين الثاني، هذا العام، دون اي تضامن، لا من شعوب ودول العالم، ولا من شعوب ودول العالم العربي، والاخطر من ذلك كله، ان هذا اليوم، بات يجسد هذا العام فقدان تضامن الشعب الفلسطيني مع نفسه رغم انه ما زال تحت الاحتلال، وتحت حصار لم يحدث في التاريخ، لا القديم ولا المعاصر، فالحديث عن تضامن، يبدو اقرب الى الوهم، يضاف الى جملة الاوهام التي ترافق الاوضاع الفلسطينية في ايامنا هذه، والموقف من"التضامن"لا يختلف كثيراً عن الموقف ازاء متغيرات عديدة وهائلة بين سنوات الثورة وسنوات السلطة، الفرق بين المستويين يسحب نفسه على معطيات كبيرة، يشكل مصطلح"التضامن"روح هذه الاجندة المرحلية للتطور الزمني - لا الموضوعي- مع انتقال الثورة الى عصر السلطة. في القواعد العسكرية، كما في انوية الثورة السياسية، كانت مجموعات من مختلف أصقاع العالم، تشارك - لا تتضامن فحسب- في صلب الثورة الفلسطينية، اطياف مختلفة غالبيتها ذات طابع يساري، كانت تشكل انوية حقيقية مشاركة في الثورة الفلسطينية المعاصرة، ولا نتحدث هنا عن النخب العالمية، بل مقاتلين ومجربين وثوريين عاديين، التحقوا بصفوف الثورة الفلسطينية جاءوا من اربعة أطراف الارض، لا لنصرة القضية الفلسطينية فحسب، بل لارضاء قناعاتهم الثورية بالدرجة الاولى، وربما"العصر الجيفاري"كان هو المهيمن على سلوك هذه الانوية الثورية، عدد ليس بالقليل استشهد من بين هؤلاء، وبعضهم يرافقون شهداء فلسطين في"مقبرة الارقام"داخل اسرائيل عانوا معاناة الشعب الفلسطيني في الشتات، وشاركوا المقاتلين قواعدهم وغذاءهم وجوعهم وتشردهم وقتالهم للعدو الاسرائيلي الذي كان يمثل لهؤلاء عدواً للثورة العالمية، كان هناك الاطباء والساسة والاعلاميون الذين عملوا في مؤسسات الثورة الفلسطينية وفصائلها المختلفة، كان علمهم علماً واحداً، وإضافة الى العلم الفلسطيني، كانت الكوفية هي لباسهم وهويتهم الرمزية، من دول اميركا اللاتينية ومن اميركا كما من استراليا واليابان، والذين جاءوا من الدول الاسلامية، كبنغلادش والباكستان - على سبيل المثال - شاركوا في الثورة الفلسطينية ليس بسبب الدافع الديني، بل بدافع ثوري عالمي كان جوهره قناعتهم وأيديولوجيتهم - في الغالب - أحزاب اشتراكية ويسارية، كردية وغيرها من القوميات، بعثت بشكل منظم بفرق ومجموعات من أعضائها، كتكليف، للمشاركة في الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية. العرب، كانوا السباقين في ذلك الوقت للمشاركة - وليس مجرد التضامن - في الثورة الفلسطينية، الدافع القومي كان الاساس في هذه المشاركة، شهداء عرب، وأجانب من شهداء الثورة الفلسطينية، كان مثواهم في مقابر الشهداء في بيروت كما في دمشق، وعندما تقول مشاركة، فالامر لا يقتصر على القتال، بل في كافة أعمال الثورة الفلسطينية أطباء، وسينمائيون وكتاب ومصورون، كانوا ينسون جنسياتهم في معظم الاحيان، و"تاهوا"مع الجنسية الفلسطينية التي كانت تمثل في ذلك الوقت روح الثورة العالمية. وإذا كانت المشاركة العملية في الثورة الفلسطينية، هي جوهر التضامن الفعلي فإن هذا التضامن، على المستوى الجماهيري، كان عالياً وصاخباً من خلال المظاهرات والندوات والورشات، والمحاضرات التي كانت الثورة الفلسطينية وتداعياتها عناوينها الرئيسة، في شتى مدن وعواصم وأرياف دول العالم، كان معظم المتظاهرين يتوشحون بالكوفية الفلسطينية بينما كان العلم الفلسطيني خفاقاً وبأعداد هائلة في مثل هذه التظاهرات، وحتى تلك التظاهرات التي كانت تسير لمناسبات اخرى، كانت فلسطين من خلال لباس واعلام المتظاهرين حاضرة، وعلى سبيل المثال، فإن التظاهرات التي اقامتها لجان دولية، ضد العولمة، غالباً ما كانت تتحول الى تظاهرات لصالح الثورة الفلسطينية وضد الاحتلال الاسرائيلي. وقبل بضع سنوات عندما قامت اسرائيل بعملية السور الواقي في الضفة الغربية، شاهدنا العالم كله يثور من اقصاه الى اقصاه، وبشكل يومي دائم ضد هذه العملية الوحشية، ولكن ومنذ سنوات قليلة بدأ هذا التضامن في التراجع بشكل متسارع، يعود ذلك بدرجة اساسية الى استثمار اسرائيل للعمليات التفجيرية التي عمت مناطق اسرائيلية عديدة في مرحلة معينة، لاظهار الفلسطينيين، كارهابيين يستهدفون المدنيين، وبنفس التبرير الاسرائيلي، تستغل اسرائيل الآن حصارها لقطاع غزة، كرد فعل على قذفها بالصواريخ البدائية محلية الصنع، وهي كما العالم يتجاهل حقيقة ان الاحتلال هو السبب الاول والاساسي وراء استخدام الفلسطينيين لوسائل قد يختلف عليها من اجل طرد الاحتلال وكنسه من المناطق الفلسطينية المحتلة. وهكذا نقف اليوم، بلا سند، وما زلنا نطالب بتضامن الآخرين معنا، نلوم العرب كما نلوم المجتمع الدولي، دون ان ندرك اننا كفلسطينيين، تسببنا في تجاهل الرأي العام لقضيتنا، بعد ان تلطخت ايدينا بدمنا، كفرنا بعضنا وخوّنا بعضنا الاخر، ومع ذلك، فإن هذا الوضع، على خطورته، ليس مبرراً لتراجع التضامن مع اعدل قضية وطنية على وجه الارض، وعلى العكس، فإننا نعتقد ان احد اشكال التضامن ما زال سبباً للوضع الفلسطيني المتأزم، فالتدخل الاقليمي، تحت شعارات براقة وتجاذب الاجندات المحلية مع العربية والدولية، ليس تعبيراً عن تضامن، بقدر ما هو استثمار خارجي لقضيتنا الوطنية النبيلة. في يوم التضامن، نسي شعبنا الفلسطيني هذا اليوم، فهو منشغل وراء معالجة ازماته اليومية الراهنة، من الحجيج، الى الحصار، الى مواجهة هجمات الاحتلال، في هذا اليوم، نتذكر، اننا نسينا أن نتضامن مع أنفسنا!!.