أهم الأخبار

انتفاضة القدس بعد مائة يوم

طباعة تكبير الخط تصغير الخط
 0 Google +0  0

غسان الشامي

أربكت انتفاضة القدس المجيدة منذ أن انطلقت في شهر أكتوبر من العام الماضي حسابات العدو الصهيوني، بل إن الكيان راهن على إنهائها والسيطرة عليها بعد أيام، وتمضي بنا الأيام وتتواصل انتفاضة القدس وتفاجئ العدو بعمليات الطعن والدهس والعمليات الاستشهادية المتكررة، ولم يتمكن العدو من السيطرة على هذه الانتفاضة، كما أن كافة التوقعات بإنهاء الانتفاضة والسيطرة عليها باءت بالفشل الذريع ولم تؤتِ ثمارها؛ فيما واصلت انتفاضة القدس مسيرتها وسط التحديات الجسام وتخطت المائة يوم، وقدم أهلنا المرابطون في القدس والضفة المحتلة والداخل الفلسطيني وغزة التضحيات الكبيرة ووصل عدد شهداء الانتفاضة نحو (150 ) شهيدا حتى كتابة سطور هذا المقال.

ويبرق كاتب السطور أسمى التحايا لأهلنا في القدس المحتلة والضفة والداخل الفلسطيني، وهي يسطرون أروع معاني التحدي والصمود والإصرار في وجه العدو الصهيوني، بل ويضربون بعرض الحائط كافة قوانين المحتل، وتهديداته بهدم منازل شهداء القدس، ومصادرة الأراضي والإبعاد عن القدس، ويواصلون الانتفاضة.

إن أهلنا المرابطين في القدس بحاجة ماسة إلى الدعم والمساندة من كافة الأحرار والأوفياء في العالم العربي والإسلامي، كما أنه بحاجة إلى الدعم والمساندة الإعلامية، والحراك الجماهيري من أجل مواصلة انتفاضتهم ضد العدو الغاشم، ومواجهة الوقوف في وجه المخططات العنصرية الصهيونية التي تستهدف القدس والمقدسات الإسلامية .

إن انتفاضة القدس وبدخولها الشهر الرابع، سطرت مرحلة نضالية جديدة في تاريخ فلسطين الحديث، وسطرت مرحلة جديدة في تاريخ الصراع مع الاحتلال الصهيوني، فقد استطاع شباب الانتفاضة توجيه الضربات الموجعة للعدو الصهيوني خلال أيام هذه الانتفاضة، ولنا في الشهيد نشأت ملحم النموذج عندما استطاع تنفيذ عملية استشهادية نوعية في وسط مدينة (تل أبيب) وقتل اثنين من الصهاينة وجرح العشرات، كما استطاع الفرار من أجهزة الأمن الصهيونية على مدار أكثر من أسبوع.

ولقد حوّل الشهيد نشأت ملحم مدينة (تل أبيب) إلى مدينة أشباح، وأصبحت المدينة تعيش حظر التجول فيها، فيما نشطت الأجهزة الأمنية في الكيان العبري في البحث الدقيق عن الشهيد ملحم، ونشرت صوره في كل مكان، كما استغرق البحث عنه جهدا كبيرا من قبل كافة الأجهزة الأمنية في الكيان، إلى أن عثرت عليه أجهزة الأمن وخاضت معه اشتباك عنيف واستشهد في قرية وادي عارة في الداخل الفلسطيني مساء يوم الجمعة الماضي.

لقد جاءت عملية الشهيد ملحم البطولية رسالة قوية لكافة الذين يراهنون على انتفاضة القدس ويقولون عنها مجرد هبة، أو يقولون أنها جاءت لأسباب نفسية ونتيجة مشاعر إحباط ويأس من قبل الشباب- لا وألف لا لهذا التفسير بل إن عملية الشهيد ملحم البطولية وغيرها من عمليات المقاومة تمثل رسالة لكافة المساومين والمثبطين أن كفى تراجع وكفى مهازل وكفى مساومات على الأرض والقضية والحقوق والثوابت الفلسطينية.

إن انتفاضة القدس اليوم تمثل مرحلة جديدة من مراحل تاريخ شعبنا النضالي، وقد استطاعت هذه الانتفاضة أن تفرض معادلة جديدة على الأرض و معادلة جديدة في مقاومة الاحتلال، ولقد أوقفت هذه الانتفاضة مخططات الصهاينة لتهويد القدس والمسجد الأقصى وأوقفت مخططات التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى ومخططات بناء القدس الكبرى.

إن الهم الأكبر للعدو الصهيوني يتمثل في كيفية إنهاء انتفاضة القدس، وكيفية مواجهة شباب القدس الذين ينفذون عمليات الطعن والدهس والعمليات الاستشهادية في وسط المدن الصهيونية.

وبحسب المراقبون للشأن الصهيوني فإن انتفاضة القدس حققت قلقا كبيرا وسط المجتمع (الإسرائيلي) في ظل انعدام الأمن داخل الكيان وتحقيق عمليات المقاومة الفردية أهدافها، كما أظهرت آخر الاستطلاعات الإسرائيلية أن الانتفاضة سببت الخوف والذعر لنحو 80 % من (الإسرائيليين) الذين أصبحوا يعانون حالة من هستيريا الخوف بسبب الانتفاضة، كما تراجعت ثقة الجمهور الصهيوني في حكومته بسبب فشلها الذريع في السيطرة على الانتفاضة وإنهائها، وقد كان لانتفاضة القدس بحسب المراقبون انعكاسات على الوضع الاقتصادي في الكيان خاصة أن أصحاب الدخل المتوسط الذين خسروا نحو 70% من دخلهم، وهناك تراجعا طرأ على السياحة الداخلية داخل الكيان، كما أن الانتفاضة كلفت ميزانية الكيان مبالغ طائلة، أثر ذلك على برامج الحكومة الصهيونية الأخرى خاصة في المجال الاجتماعي.

إن أبرز الإنجازات التي حققتها انتفاضة القدس المجيدة وهي تتخطى مائة يوم، هو الوقوف في وجه المخططات الصهيونية الرامية لهدم وتهويد المسجد الأقصى، ووقف تنفيذ مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، على الرغم من أن هناك مخططات أخرى يواصل الكيان الصهيوني السير بها قدما تتمثل في مواصلة الاستيطان في القدس المحتلة وربط المستوطنات الكبرى ببعضها من أجل إقامة ما يسمى القدس الكبرى؛ لكن أهلنا المرابطون في القدس والداخل الفلسطيني سيواجهون هذه المخططات بكل تحدي وإصرار وثبات.